قال الرئيس الراحل محمد نجيب فى مذكراته: «كان للثورة أعداء.. وكنا نحن أشدهم خطورة.. كان كل ضابط من ضباط الثورة يريد أن يملك.. يملك مثل المَلِك.. ويحكم مثل رئيس الحكومة.. لذلك هم كانوا يسمون الوزراء بالسعاة.. أو بالطراطير.. أو بالمحضرين».
 
وهذا يوضح كيف تتعامل العقلية العسكرية مع الثورات والحكومات المدنية، فمن يريد أن تحصل الحكومة على صلاحيات، عليه أولاً يقرأ المادتان 56 و57 من الإعلان الدستورى على:
 
ومن هذه المواد يتضح أن حكومة شرف أو الجنزورى ماهم إلا وكلاء وسكرتارية تنفيذية للمجلس العسكرى. 
 
من يقوم الآن بدور مجلس الشعب ووزير العدل هو اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والدستورية، أما وزير الداخلية والتعليم هو اللواء مختار الملا، مساعد وزير الدفاع لشؤون الاعلام والأمن، ويشترك فى وزارة الاعلام مع اللواء إسماعيل عتمان مدير إدارة الشؤون المعنوية، الذى يتولى أيضاً وزارة الثقافة باعتباره مسئولاً عن ملف الثقافة فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أما وزير خارجية مصر الحقيقى هو اللواء محمد سعيد العصار، مساعد وزير الدفاع للشئون الفنية. 
 
ويتولى اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشؤون المالية الحقيبة الوزارية الاقتصادية، وتشمل وزارات المالية والصناعة والتجارة الخارجية يشاركه فيها اللواء محمود حجازى رئيس هيئة التنظيم والإدارة كما يتولى أيضا اللواء حجازى وزارة التنمية المحلية. 
 
ويتولى رئاسة وزراء الحكومة الحقيقية التى تحكم مصر الآن اللواء محسن الفنجرى مساعد وزير الدفاع، كما يتولى حقيبة وزارة التضامن الاجتماعى وملف مصابى وشهداء الثورة. 
 
أما فى المحافظات فالأمر يبدو أكثر وضوحا، فالمحافظون الحقيقيون يصدرون الكثير من القرارات باسم الحاكم العسكرى، ويتحدثون فى وسائل الإعلام المحلية كأنهم محافظون فعليون، ولك أن تتخيل أن المحافظين الذين كلفتهم حكومة شرف لا علاقة لهم بأمور أقاليمهم، بل هم مجرد سكرتارية لقادة الجيوش والمناطق العسكرية. 
 
يتولى الآن مهام محافظ القاهرة والجيزة اللواء حسن الروينى قائد المنطقة العسكرية المركزية، ويتولى منصب محافظ الإسماعيلية الحقيقى اللواء محمد حجازى قائد الجيش الثانى الميداني، كما يتولى اللواء صدقى صبحى قائد الجيش الثالث الميدانى محافظة السويس. 
 
أما محافظات الصعيد فيتولاها اللواء محسن الشاذلى قائد المنطقة الجنوبية العسكرية ومقرها فى أسيوط، ويتولى محافظة مرسى مطروح اللواء مدحت النحاس قائد المنطقة الغربية العسكرية، وظهر الأسبوع الماضى فى الإذاعة المحلية بمرسى مطروه يتحدث كأنه رئيس جمهورية مطروح مطالبا السكان بضرورة التوجه لصناديق الاقتراع. 
 
فى المحافظات يظهر الحكام العسكريين بشكل لافت ويحضرون جميع الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية، لدرجة أن مندوبى الحاكم العسكرى بالسويس قاموا بتسليم جوائز لمخرجين شباب شاركوا فى مسابقة أقامها المركز القومى للسينما فى قصر ثقافة السويس. 
 
أما المجلس الرئاسى الذى يشرف على أعمال حكومة العسكرى والمحافظين، فيتكون من المشير طنطاوى والفريق سامى عنان، والفريق أركان حرب عبدالعزيز سيف الدين الذى يشغل منصب قائد الدفاع الجوي، والفريق بحرى مهاب محمد حسين مميش الذى يشغل منصب قائد القوات البحرية منذ عام 2007، والفريق طيار رضا محمود حافظ قائد القوات الجوية. 
 
وهذا يعنى أن المجلس العسكرى قسم الكعكة داخليا، وكل الإجراءات التى نشاهدها الآن ماهى إلا ديكور للسلطة الحقيقية التى تحكم مصر الآن، والدليل على ذلك تصريح اللواء ممدوح شاهين بأن مجلس الشعب القادم ليس من حقه تشكيل حكومة وليست له أى سلطة عليها ولا يستطيع سحب الثقة منها طبقا للإعلان الدستوري، وكأن من وضع هذه الخلطة مهندس ديكور يتقن فن وضع قطع فنية صينية تبدو جميلة من الخارج وهشة من الداخل، وبعدما استهلكوا قطعة الديكور الأولى «عصام شرف»، يسعون الآن لاستهلاك قطعة الديكور الثانية «مجلس الشعب الوهمى

Share/Bookmark

هناك تعليق واحد:

أترك تعليق من فضلك